قطيع الشباب والمستشار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

توظيف المقررات الدراسية لتنمية الانتماء الوطني

اذهب الى الأسفل

توظيف المقررات الدراسية لتنمية الانتماء الوطني Empty توظيف المقررات الدراسية لتنمية الانتماء الوطني

مُساهمة من طرف Admin السبت أغسطس 29, 2020 7:22 pm

الحمد لله الذي جعلنا خير أمة أخرجت للناس وكرم أهل هذا البلد بالبيت العتيق ، والصلاة والسلام على خير البرية المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :

هناك تحديات كبيرة تواجه الأمم المستقلة بأفكارها وثقافاتها وقيمها ، ومن أخطر هذه التحديات ما يُعرف بثقافة العولمة ، والتي تحمل في براثنها، تهديدا لكل المجتمعات ، فالعالم في هذه اللحظة أصبح كقرية صغيرة ، تكاد أن تكون فيها الحدود الثقافية والاجتماعية والاقتصادية و الدينية متلاشية ، مما سهل تناقل الأفكار والمعتقدات والقيم ، مما هدد الخصوصية لكثير من المجتمعات المحافظة ، فبعد ذلك لا يبقى لا للمكان ولا الزمان قدرة على كبح جماح ظاهرة العولمة الثقافية والتربوية ، والتأثير على مقومات المواطنة والانتماء عند أفرادها.

ولذا ازداد اهتمام المجتمعات الحديثة بالتربية من أجل المواطنة، وشغل فكر العاملين في ميدان التربية، وخاصة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الذي اتسم باختلاف القيم والاتجاهات التربوية.

والموطنة الإيجابية لا تقتصر على مجرد دراية المواطن بحقوقه وواجباته فقط ، ولكن حرصه على ممارستها من خلال شخصية مستقلة قـادرة على حسم الأمور لصالح الوطن، وحتى تكون الموطنة مبنية على وعي لا بد أن تتم بتربية مقصودة تشرف عليها الدولة ، يتم من خلالها تعريف الطالـب بمفاهيم المواطنة وخصائصها، ويشارك في تحقيق أهداف التربية من أجل المواطنة مؤسسات عدة ، في مقدمتها: المدرسة التي تنفرد عن غيرها بالمسؤولية الكبيرة في تنمية المواطنة، وتشكيل شخصية المواطن والتزاماته، وذلك من خلال كل ما يتصل بالعملية التربوية من مناهج ومقررات دراسية، والتي تبدأ مـن مرحلة العمر الأولى ومن ثم عبر مراحل التعليم العام .

وسوف يتناول البحث مفهوم المواطنة ، كما يستعرض أبعاد شخصية المعلم المختلفة، وأهمية التربية بالأهداف لدى النشء ، كما يتعرض البحث لمجالات تربية المواطنة في المقررات الدراسية، وكيفية تضمين مفاهيم المواطنة في المقررات الدراسية، وأثر المقررات في تنمية الانتماء للوطن ، ثم وضع السياسات المقترحة للمعلم في تطوير المقرات الدراسة لتعزيز الانتماء الوطني.
مفهوم المواطنة من المفاهيم التي اختلف فيها الباحثين وذلك لاختلاف المرجعيات الفكرية والاتجاهات والقيم، والذي يصعب أن نجد لها تعريفاً يرضى به كل المختصين في هذا المجال، فكل يرى مفهوم المواطنة تبعاً للزاوية التي يرى منها، أو تبعاً للهوية التي يتحدث عنها، أو تبعاً لما يريد هو بها.

وجاء في دليل المعلم بقوله : تنوعت محاولات تحديد مفهوم التربية الوطنية ، لتشعب مجالاتها واتساع مضمونها ، ومن هذه المحاولات ما يربط بين التربية الوطنية والعلوم السياسية ، ومنها ما يهتم بربطها بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية ، كما أن منها ما يركز بصفة خاصة على محددات العلاقة بين المواطن وبيئته سواء كانت محددات نظامية ( قانونية ) أو اجتماعية .(20)


والمواطنة في اللغة العربية منسوبة إلى الوطن ، وهو المنزل الذي يقيم فيه الإنسان، ويقال الوطن مَحَلُّ الإنسان (6) ويقال مَنْزِل الإقامة وأوطن أقام، واستوطنَهُ : اتخذه وطناً(5) وجاء في لسان العرب( والجمع أَوْطان )، وأَوْطَنَهُ اتخذه وَطَناً يقال أَوْطَنَ فلانٌ أَرض كذا وكذا أَي اتخذها محلاً ومُسْكَناً يقيم فيها وفي التنزيل العزيز: (( لقد نصَركُمُ اللهُ في مَوَاطن كثيرة)) وقال طَرَفَةُ: على مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عنده الرَّدَى متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائصُ تُرْعَدِ ، وبالرجوع إلى الموسوعة العربية العالمية (1996، ص 311) نجد أنها تعرف المواطنة بأنها "اصطلاح يشير إلى الانتماء إلى أمة أو وطن"(2) وإن التأصيل النظري لمفهوم المواطنة والانتماء يبين أن المواطنة هي الدائرة الأوسع التي تستوعب مختلف الانتماءات في المجتمع كما أنها تضع من المعايير التي تلزم الأفراد بواجبات والتزامات معينة

تحقق الاندماج والتشاركية في تحقيق مصالح الأفراد والوطن من ناحية ، ومن ناحية أخرى تسمو المواطنة وسبل تكريسها بالمسؤولية العامة والأهداف الوطنية التي يمكن تحقيقها من خلال أطر رسمية وبنية واضحة مخطط لها ويتم الإشراف عليها وتقييمها من قبل أجهزة الدولة والمحاسبة على الإخلال بمبادئها من خلال مؤسسات الدولة كل حسب تخصصها وطبيعة عملها.

ومما سبق نستخلص تعريفاً نظرياً للانتماء الوطني :هو اتجاه إيجابي مدعم بالحب يستشعره الفرد تجاه وطنه ، مؤكداً وجود ارتباط وانتساب نحو هذا الوطن – باعتباره عضواً فيه – ويشعر نحوه بالفخر والولاء ، ويعتز بهويته وتوحده معه ، ويكون منشغلاً ومهموماً بقضاياه ، وعلى وعي وإدراك بمشكلاته ، وملتزماً بالمعايير والقوانين والقيم الموجبة التي تعلي من شأنه وتنهض به ، محافظاً على مصالحه وثرواته ، مراعياً الصالح العام ، ومشجعاً ومسهماً في الأعمال الجماعية ومتفاعلاً مع الأغلبية ، ولا يتخلى عنه حتى وإن اشتدت به الأزمات . (9)

كما أن للوطن مكانة عالية في النفوس فهو المكان الذي ولدنا فوق ترابه وعشنا تحت سمائه ، وذقنا الأمن والأمان في رحابه ، وترعرعنا في كنفه . ولا شك أن المسئولية تجاه مسئولية عظيمة ، ومن ذلك الحفاظ على أمنه ، وعلى ثرواته وعلى ثقافته كل تلك الأمور وغيرها مما هو واجب علينا تجاه وطننا نعتبرها مسؤولية عظيمة .
وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ، ودين مستحق (3)

وقيل في حب الوطن:
بلاد ألفناها على كل حالة ... وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
وتستعذب الأرض التي لا هواؤها ... ولا ماؤها عذب ولكنها وطـن





المبحث الثاني: مفهوم المواطنة من المنظور الشرعي.

جاءت النصوص الشرعية من القرآن الكريم تصف الوطنية بألفاظ، منها: ( الوطن ) ، ( المسكن ) ، ( الديار )، ( بلدنا ) ..
ومنه قول الله تعالى: ] حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [ ( النحل 18 )، دلت الآية على أن المسكن ، هو مكمن الأمن والآمان و وثبات النفس واستقرارها ، فعند ما نادت النملة صُحبتُها ، طالبةً لهم الآمان من سليمان وجنوده بدخول جحورهم .
ومنه قول الله تعالى: ] وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام [ . وهنا حكى الله عن خليله إبراهيم
عليه السلام هذا الدعاء بالأمن ، والسلام ورغد العيش ، لهذا البلد الحرام ، ويتضح منه ما يفيض به قلب إبراهيم عليه السلام من حب لمستقر عبادته ، وموطن أهله . والبلد الآمن هو الذي يأمن الإنسان فيه على ماله وعرضه ونفسه.وجاء في أيسر التفاسر أن الآية السابقة تضمنت أمر الله تعالى لرسوله أن يذكر دعوة إبراهيم ربَّه بأن يجعل مكة بلداً آمناً، يأمن فيه كل من دخله على نفسه وماله.

إن النفس والديار عزيزتان على الإنسان فجاء اقتران حب الدار مع حب النفس في قوله تعالى ] وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا [(النساء - 66).فالإخراج من الديار مساوي ومعادل لقتل النفس ، فتشير الآية إلى أن الإخراج من الديار ، والحرمان من الوطن معادل لسفك الدماء . . (3)

• وجاءت السنة تبيين وتجلي مفهوم المواطنة ،ومنها :
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)) (صحيح البخاري) فقَوْلها : ( لَا هِجْرَة الْيَوْم ) : " أي لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَة إِلَى الْمَدِينَة ثُمَّ نُسِخَتْ وَأَصْل الْهِجْرَة هَجْر الْوَطَن، ويتضح هنا أن الخروج من الوطن فتنه لا يقدم عليه أحد إلا للحاجة أو مضطراً، كما خرج إبراهيم، ولوط عليهما السلام من وطنهم بعد إحراق إبراهيم الأصنام ، وطرده من البلاد. وقيل في ذلك :
وقَدْ زَعَموا أنَّ الغَريبَ إذا نَأى وشَطَّتْ به أوطانُه فهو مُغرَمُ
وأيُّ اغْترابٍ فوق غُربتنا التي لها أضحَت الأعداءُ فينا تَحَكَّمُ

• وجاء في السنة :عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r لمكة : (( ما أطيبك من بلد ، وما أحبك إلي ، ولو لا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك )) رواه الترمذي ، وصححه الألباني . فهو r يحب مكة حباً شديداً كره الخروج منها لغير سبب ، ثم لما هاجر إلى المدينة ، واستوطن بها أحبها وألفها كما أحب مكة ، بل كان r يدعو أن يرزقه الله حبها كما في صحيح البخاري

( اللهم حبب إلينا المدينة ، كحبنا مكة ، أو أشد )

• وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما قدم رسول الله r المدينة ، وعك أبو بكر ، وبلال فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل أمرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نـعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته يقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد ، وحـولي اذخر، وجليل
وهـل أردن يومـاً مياه مجنة وهـل يبدون لي شامة ، وطفيل
وقال : اللهم العن شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء ، ثم قال رسول الله r ( اللهم حبب إلينا المدينة ، كحبنا مكة ، أو أشد ) رواه البخاري . فبلال رضي الله عنه يتمنى الرجوع إلى وطنه من حبه لهذا الوطن ،
ويظهر ذلك في مشاعره وأحاسيسه عندما تأخذه الحمى ، فيتمنى يوماً ، أو ليلة يقضيها في الوطن ثم يعقب ذلك بلعن من أخرجوهم من وطنهم . قال ابن حجر رحمه الله تعالى (( وقوله ( كما أخرجونا ) أي أخرجهم من رحمتك ، كما أخرجونا من وطننا )) ولم ينكر عليه الرسول r ، بل دعا الله في تحبيب المدينة لهم . (3)





Admin
Admin
Admin

المساهمات : 37
تاريخ التسجيل : 18/08/2020

https://massif-med.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى